تطلّع يسبق واقعك، تشبّث تام وإصرار حقيقيّ للوصول، عندَ النّظر إليه يتباهى أمام عينيك سحابة كبيرة من الأمل، من الرغبة في أن تحقّقه بفخر يوماً ما.
هُو ما تصبُو إليه، ما تريد أن تختبر معه الإحساس بالتجربة، لمس نقطة أخيرة في السطر تمثّل البداية، ببساطة، رسم لحدود مستقبل مترامي الأحلام، ممتلئ بالفُرص والعمل والأهداف.
وعندما تكتمل الصورة لديك، ستعلم أنّ أمامك حلماً وتريد أن تحقّقه.
إذا كان صدرك يمتلئ بأسرار حلم، بخطوط عريضة له، بأحلام تغلّف أمانيه، فأولى الخطوات قد أُنجزت، وهي العزم على أن يكون لديكَ هدف تسعى إلى تحقيقه، إلى ضمّه إلى صدرك، إلى رعايته كما ترعى الأم وليدها الرّضيع.
خذ قلماً من الإصرار.. وأوراقاً من العزيمة، وابدأ بملء السطور بأحرف الثقة، والرغبة حتى في حفر المستحيل إن تطلّب الأمر ذلك، وابدأ بسرد سطور حلمك، وتفاصيله الصغيرة، تلك المُحلّقة في أجواء نفسِك، تشبّث بأصغر الأمور وإهدها إلى تلك الأوراق، إستسقِ من الشّجر روح النّماء وغذّ جملك، ومن العصافير جمال زقزقتها وإبعث الأصوات إلى أوراقك، ومنَ البحر إمتداده، حتى يلامس أفق السماء فيكمل إتساعه، ومِن الورد ألوان التفاؤل، والتّراب عجائب تكوينه، والجبال قوّة رسوخها.
أكمل رَسمَ حلمك، وإملأ صفحاته بتفاصيله، وإستعن بالله على تحقيقه، وبعد أن تغلق كتابك ابدأ بالتخطيط الجادّ للوصول إليه، خطّط كلّ الطرق المؤدّية إليه، وابن فوق الطّوب.. طوباً، وبين الطرق جسُوراً، بتأنّ ادرس كافة الإحتمالات، وبهدوء حدّد مسارك، إن تطلّب منك الأمر أن تقدّم شيئاً في سبيل البلوغ إليه، فاعلم أنّ الدنيا أخذٌ وعطاء، وأنّ كلّ شيء فيها بثمن، وأنّ وصل بك العطاء لشيء لا يمكنك تقديمه، فلا تفعل، فالذي يذهب لا يعودُ إليك مجدّداً.
إستغلّ كلّ الخيارات المتاحة أمامك وإعتبر من أخطاءِ من سبقوك، فالمؤمنُ لا يُلدغُ من جرحٍ مرّتين.
والنّبيه هو من يقتنصُ الفُرص إقتناصاً، ويعلّقها في دفتر حُلمه كقلادة فخريّة لفطنته، أمّا النّاس فهم في النهاية أدوات خيرٍ ورزق، فاجتنابهم قمّة الخطأ، قال تعالى: {وجعلناكم شعوباُ وقبائل لتعارفوا}.
فإحرص على أن تستعين بالأشخاص الجيّدين، وفي الوقتِ الصحيح، لأنّ الخدمات كالعدّاد، تُحسب عليكَ ولا تستبدل بخطوات رجوع أبداً.
كلّ شيء يُمكن أن يُستنزَف في سبيلِ بلوغ هدفك، وقتك هُو الضحية الأولى، وهُو من أهمّ الأمور التي يجب أن لا يتغاضى عنها أحد، فقالوا في الأمثال إنّه كالسيف في عقابه لك، لذلك فالإستثمار الأمثل للوقت يوفّر عليك الكثير من العناء.
ثمّ العُمر، فهو يمضي معك على وتيرة واحدة، وأنت معهُ كلّ الوقت في خطٍ متواز، لا يمكن أن يغفل عنك أو يغضّ الطرف، وما ذهب من العمر لا يمكن إستجداء أيّامه أو حتّى أنفاسه. فإستغل سنوات الشباب للعمل المضني والقاسي، فالنشاط في سنّ الشباب لا يمكن أن يُدفع في الكِبر.
الأنفس في خضم سيرك، لا تنسَ أنّ حولك أنفاساً قد تخبو وتذهب إلى خالقها، فلا تفرّط بأرحامك، أصدقائك، علاقاتك وأنت في التهاء بأمورِ حياتك.
قد يعدّ البعض المال من الأمور المهمّة، هذا أكيد، ولا يُختلف على أهميّته، ولكنّه في النهاية مادّة يمكن أن تُعوّض، وإن ذهبت يُمكن أن ترجع، وفقدانها ليسّ نهاية العالم، فالإستثمار الناجح والصحيح يبني من هذه المادّة فائدة تطغى على الأفق فتحيله نسمة.
يبدو أنّ الحلم بانت ملامحه وأنّك أوشكتَ على الوصول، أو ربّما لامست أطرافه، فلا تنسَ شكر الله وحمده الذي أمدّك بكلّ ما تحتاجه في رحلتك، ولا تنسَ أيضاً أن تكافئ نفسك وتفرح، فأنت أبدعتَ في خطواتك.
تمنياتي لكم بأحلام سعيدة.
الكاتب: دلال عبد العزيز الضبيب.
المصدر: موقع رسالة المرأة.